أمير الجزائر مؤسس معهد التعليم الثانوي
عدد المساهمات : 258 التقييم : 2725 السٌّمعَة : 0 تاريخ الميلاد : 07/11/1995 اشتركت في : 23/10/2011 العمر : 29
ثانوية عبد الحميد بن باديس
| موضوع: | بحث باللغة العربية | بحث متكامل شامل عن الذرة الخميس أكتوبر 27, 2011 12:34 am | |
| بحث متكامل شامل عن الذرة المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجميعن . . أما بعد ، ، إن مجالات الإستخدامات السلمية للطاقة النووية مجال كبير ولكن يجب أن نستغلها في خدمة البشرية وما نراه من تسابق الأمم لإمتلاك الطاقة النووية للأسف ليس ذلك من الاستخدامات السلمية ولكن من إظهار القوة ونحن في هذا البحث الصغير نضع نقاط لهذه الإستخدمات السلمية حتى نصل إلى الإستخدام الأمثل للطاقة النووية . وماأصبنا فمن الله وما أخطأنا فمن أنفسنا . وأخر دعوان أن الحمد لله رب العاليمن والله ولي التوفيق
خطة البحث
الفصل الأول : تعريف الذرة والطاقة النووية . الفصل الثاني : قصة الإنسان مع الذرة . الفصل الثالث : كيف أمكن الحصول على الطاقة النووية من الذرة . الفصل الرابع : إستخدام الطاقة النووية مستقبلاً . الفصل الخامس : الاستخدامات السلمية للذرة . المبحث الأول : في المجالات الطبية . المبحث الثاني : في مجالات التغذية . المبحث الثالث : في المجالات الصناعية . المبحث الرابع : في المجالات العلمية .
الفصل الأول
تعريف الطاقة
الطاقة هي القدرة التي يمكن الإفادة منها في أداء عمل ما . وللطاقة صور شتى فهناك الطاقة الحرارية والطاقة الكهربية والطاقة الضوئية والطاقة الحركية والطاقة الكامنة وغير ذلك . ولكل طاقة مصدرها وقد يكون الحصول على هذا المصدر ميسوراً إلا أن نفقاته قد تكون طائلة . ومن هذه الطاقات ما يمكن تحويله إلى طاقة أخرى فمثلاً تتحول الطاقة الحرارية من الفحم أو البترول إلى طاقة ميكانيكية أو حركية أو كهربية تسير الآلات والقاطرات . وكذلك الطاقة الكهربية أمكن تحويلها إلى طاقة ميكانيكية تدير المصانع والآلات ومن أبسطها آلات عصير الفواكه ونشر الأخشاب .
مصادر الطاقة :
قد كان المعروف لنا قديماً أن مصادر الطاقة الرئيسية هي : 1- الهواء : الذي أدار الإنسان به الطواحين وسير به المراكب الشراعية . 2- الماء : الذي استخدم الإنسان مساقطه في إدارة الآلات والسواقي كما في منطقة الفيوم 3- الخش والفحم : اللذين استخدمها الإنسان وقوداً واستغلها في توليد البخار وتسيير القطارات . 4- ثم كان البترول ومشتقاته من :السولار والبنزين والديزل فاستخدم الإنسان كل نوع من هذه الأنواع في تسيير ما يصلح له من سيارات وآلات وطائرات . 5- ثم كانت الكهرباء : وقد أقبل الناس على استخدامها لما لها من المزايا العديدة في عصر يحرص الناس فيه على توفير الوقت والجهد والمال . 6- الشمس : مصدر هام من مصادر الطاقة الحرارية والضوئية يحاول الإنسان تركيز ما تبعثه من حرارة لينتفع به في عمليات التجفيف والتبخير والتدفئة وغيرها. 7- واليوم أضيفت الطاقة الذرية إلى تلك المصادر وأصبح الأمل في استخدامها حديث الساعة وأخذ الناس يعلقون عليها أهمية كبرى ولا سيما في ميادين الصناعة والزراعة والطب والعلوم ووسائل الانتقال وغيرها من ميادين السلام والتعمير . ومما يزيد أهمية هذا المصدر أن مصادر الفحم والبترول في العالم مجدودة وفي تناقص مستمر ومن المؤكد أنه خلال السنين القادمة سنضب معينها في الوقت الذي تشتد فيه حاجة افنسان إلى مصادر تفي بمطالبه وضروريات حياته . فإذا علمنا أن القليل من الوقود الذري يولد قدراً ضخماً من الطاقة لا يقارن بما يتولد من المصادر الأخرى بات من المنتظر أن تحتل الذرة في المستقبل القريب المركز الأول بين مصادر الطاقة .
الفصل الثاني
كيف أمكن الحصول على الطاقة من الذرة أن الذرة مصدر للطاقة وليست ذرة كل عنصر مهيأة لتوليد طاقة فبعض الذرات يمكن أن تتولد منه طاقة وبعض الذرات خاملة أي لا تستجيب لتوليد طاقة باستخدام الوسائل الحالية والذرات التي تمدنا بالطاقة يطلق عليها الوقود الذري مثل : ذرات اليورانيوم 235 والبلوتونيوم 239 والثوريوم 233 ومن هنا جاءت شهرة اليورانيوم . وتحتوي كل ذرة من ذرات اليورانيوم على البروتونات الموجبة والنيوترونات المتعادلة . فإذا فتتنا ذرة اليورانيوم بإقحام نيوترون على نواتها حدثت النتائج الآتية . أولاً : تفجير النواة Fission . ثانياً : تحويل جزء من الذرة إلى طاقة . ثالثاً : إطلاق نيوترونات جديدة تقتحم بدورها ما يجاورها من نويات اليورانيوم فتحدث بها تفجيراً مماثلاً للأول . وهكذا يتسلسل التفجير ويتتابع ويستمر انطلاق الطاقة حتى ينتهي الوقود الذري . وبديهي أن كل تفجير أو انشطار في أي مرحلة من المراحل السابقة تصحبه طاقة نووية عظيمة . وإنه مما يثير الدهشة أن هذا التفاعل المسلسل الذي وصفناه على الصورة السابقة يتم في كسر ضئيل من الثانية . ولما كان هذا التفجير الخطير يتم بمثل هذه السرعة الهائلة وتنبعث على أثره اشعاعات خطيرة بالنسبة للأحياء فقد حرص العلماء على الافادة من الطاقة المنطلقة بطريقة أخرى ليحققوا من ذلك غرضين : الأول : الانتفاع بهذه الطاقة كاملة على مدى الزمن الذي نريده وبالمعدل الذي نختاره . الثاني : السيطرة على توليد الطاقة عند اللزوم وبمحض الإرادة . وقد تم هذا فعلاً للعلماء بعد أبحاث مضنية وجهود جبارة إذ نجحوا في توليد الطاقة في حدود الغرضين السابقين فيما يسمونه بالأفران الذرية . ولما كان من الضروري الوقاية من الإشعاعات المنبعثة من التفجير حيث يبلغ قسم كبير منها في قوة نفاذه جداً يستطيع اختراق سُمْك كبير من ا لحواجز فإن الفرن الذري يحاط بطبقة سميكة من نوع خاص من الخرسانة المسلحة الثقيلة لحماية المشتغلين في الإران من خطر الإشعاع . وللتحكم في معدل التوليد للطاقة يجب علينا أن نكبح جماح التفاعل الانفجاري اللحظي الذي يعد هاماً في الحروب بوضع مواد أو عناصر خاصة كالكادميوم في الأفران تعترض سيل النيوترونات التي تفجر ذرات اليورانيوم فتمتص هذه المواد النيوترونات التي تفجر ذرات اليورانيوم فتمتص هذهالموادالنيوترونات وتعمل على حبسها عن المضي في طريقها إلا بقدر محدود تتولد معه الطاقة المطلوبة تدريجاً ويمتنع الانفجار اللحظي السريع . ومما يغري الناس باستخدام الطاقة الذرية ما تولده كيمة الوقودالذري الضئيلة من طاقة عظيمة تفوق ما يتولد من مثيلاتها من الفحم والبترول ملايين المرات مما لا يترك مجالاً للمقارنة أو المضاهاة . ولكن ليس من الحكمة استخدام الذرية في الأغراض الهينة أو التافهة لإن الحصول على هذه الطاقة يقتضي إحتياطات ونفقات باهظة إذ يستلزم أولاً : الحصول على الوقودالذري بحالة نقية وهذه عملية دقيقة باظهة التكاليف . ثانياً : بناء أفران ذرية . ثالثاً : الحصول على أنابيب وأوعية تستطيع تحمل الحرارة العالية فلا تتأثر بها كثيراً ولا تنصهر وفي الوقت ذاته توصل الطاقة كاملة إلى الهواء الذي نريد تسخينه أو الماء الذي نريد تبخيره لنستخدمه في تدفئة المباني أو تكييف الهواء في المنشآت الكبرى أو في توليد الكهرباء . رابعاً : تشييد دروع وجُدُر وحواجز سميكة للوقاية من الإشعاع المميت الذي يصاحب انفجار الذرات وتوليد الطاقة وكل هذه الأمور ليست بالهينة ولا باليسيره لكنها تقتضينا جهوداً وتكاليف وخبرات . غذن من المنطقي ألا نبالغ في استخدام الطاقة الذرية في الأغراض الهينة اليسيرة بل نقصرها على الأعمال الهامة الخطيرة مثل : تسيير البواخر الكبرى إقامة المحطات الضخمة لتوليد القوى والكهرياء وتسيير كاسحات ا لجليد التي تفتت ا لجبال الثلجية وتكشف لنا عن أسرار القطبين وغير ذلك مما يحتاج إلى طاقة هائلة لا يقوى عليها الفحم أو البترول إلا بكميات وافرة ونفقات طائلة وأزمان مديدة . والحديث عن تسيير السيارات أو تدفئعة لمنازل أو المنشآت الصغيرة بالطاقة الذرية من قبيل الأماني إذا أنه يكلفنا نفقات كثيرة ويقتضي تشييد هياكل على نطاق يتسع لألواح من الخرسانة الثقيلة للوقياة من افشعاع الذري الذي يصاحب الوقود الذري المستعمل وتفجير الذرات الذي يجري في الأفران وخير من هذا أن نستخدم الطاقة الذرية في الأغراض الكشفية والأقمار الصناعية وحفر الانفاق بالجبال وتحويل مجاري التنهار وحفر القنوات وأشباهها التي تفيد منها البشرية . وقد حصل تطور في فكرتنا عن التركيب الذري فلم يكن مجرد التفكير في إمكان الحصول على ا لطاقة من الذرة ممكناً قبل كشف ظاهرة النشاط الشعاعي في أواخر القرن الماضي فقد فتح هذا الكشف باباً جديداً من أبواب البحث العلمي وكان من نتائج التفاعل المتابدل بين الحقائق التجريبية والآراء النظرية في هذا الميدان حدوث تطور كبير في فكرة العلماء عن تركيب الذرة ولعل من أهم نواحي هذا التطور . أ- أن الذرة التي كان يظن أنها غير قابلة للتجزئة قد ثبت أنها تتجزأ ، فبعض الذرات تنفجر من تلقاء نفيها كذرات الراديوم والبعض الآخر يمكن تفجيره بوسائل خاصة . ب- أن الجسيمات والاشعاعات الصادرة عن الذرة المشعة أو الذرة التي يمكن تحطيمها أمكن تصويرها ومسارها فوتوغرافياً . وبتوفر الفنيين على دراسة هذه الصور ألقى كثيرمن الضوء على التركيب الداخلي للذرة . ج- أن ذرات العنصر الواحد وهي التي كان يظن أنها متماثلة من جميع الوجوه قد ثبت أن بينها اختلافاً في الكتلة دون أن يؤدي ذلك إلى أي اختلاف في خواصها الكيميائية وتقدم العالم أينشتين فأعلن في سنة 1905 مبدأ علمياً خطيراً يتلخص في أن الطاقة والمادة مظهران لشيء واحد وأن كلاً منهما يمكن أن يتحول إلى الآخر وأن العلاقة بينهما تتمثل في المعادلة ا لآتية : الطاقة = الكتلة × مربع سرعة ا لضوء ومعناها أنه إذا تحول جرام واحد من المادة تحولاً كاملاً إلى طاقة لنتج عن هذا التحول 9× 2010 إرجاً وهو نفس المقدار الذي يمكن الحصول عليه باحتراق حوالي 3000 طناً من الفحم . أن عنصر الراديوم إذا أحيط بمجال كهربي أحد جانبيه سالب والآخر موجب فإن هذا يؤدي إلى تحلل الإشعاع إلى ثلاثة أجزاء ينحرف أولها إلى كهة الجانب السالب والثاني إلى الاتجاه الموجب والثالث يمضي في سبيله دون أي انحراف ولما لم تكن طبيعة هذه الأجزاء واضحة في بادئ الأمر فقد أطلق عليها أسماء ألفا ، بيتا ، جاما - على الترتيب . وقد تبين أن أشعة ألفا وأشعة بيتا ليستا أشعة بالمعنى العادي بل إن كلاً منهما عبارة عن جسيمات مادية تحمل الكهرباء . فجسيمات ألفا تحمل كهرباء موجبة وقد تبين فيها بعد أنها أنوية ذرات الهليوم . وجسيمات بيتا تحمل كهرباء سالبة وهي الالكترونات المعروفة . أما أشعة جاما فليست جسيمات وبالتالي فهي ليست مكهربة وإنما هي أشعة بالمعنى العادي وتشبه الأشعة السينية (×) إلى حد كبير . ومن أولى المحاولات التي تجحت في إحداث مثل هذا التحول من مادة إلى أخرى ما فعله "رذر فورد" في سنة 1919 حين أطلق على ذرات النتروجين قذائف جسيمات ألفا "نواة ذو الهليوم" فقد دخل جسيم ألفا واستقر في تكوين نواة النتروجين وخرج منها بروتون فتحولت النواة من نواة النتروجين إلى نواة أكسجين كما تمكن (شادويك) بعد ذلك من تحويل البريليوم إلى كربون باستخدام جسيمات ألفا . إذن فتحول العناصر لا يحدث فقط بصورة طبيعية كما في الراديوم وإنما يمكن أن يحدث أيضاً بصورة صناعية كما في المثالين السابقين .
الفصل الثالث
استخدامات الطاقة النووي ومستقبلها
إن ا لرغبة في الحصول على السلاح الأقوى يؤدي إلى احتمال إستخدام القدر من الأسلحة ا لنووية الذي يمحو مدناً بأكملها ويؤثر غبارها المشع على الخواص الوراثية لأجيال قادمة فخطر الدمار الكلي يدفعنا إلى ما يسمى بالعذاب الجماعي نتيجة الاعتقاد بقرب انتهاء العالم . فعلاوة على ماقام به السوفييت والامريكان في هذا السبيل وهو التطبيقات السلمية للطاقة الذرية والنووية فقد أعلن البريطانيون عام 1953 بأنهم مصممون على بذلك الجهود لتشجيع صناعة توليد الطاقة الكهربية الذرية . وإن عماد المحطات الذرية لتوليد الكهرباء هو مفاعل القدرة وقد يسمى مفاعل القوى الذرية وهو مفاعل له نفس الاجزءا الخمسة الرئيسية التي توجد في مفاعل الابحاث وهي قلب ومعدل وقضبان تحكم ومبرد ودرع وإن الوظيفة لهذه المفاعلات هي تحويل الطاقة الحرارية الناتجة من الانغلاق النووي إلى طاقة كهربية . وفي يوليو عام 1954 تم للأتحاد ا لسوفييتي تشغيل أو محطة ذرة للكهرباء بمنطقة "الأورال" وقدرتها 5000 كيلوات ولم تستبدل عناصر الوقود منذ بدء التشغيل حتى اليوم وهذا أمر لم يحدث مثله في العالم . ويوجد أنواع عديدة من مفاعلات القدرة وإن اختلفت في مواد تركيبها ونوع وقودها وطريقة استهلاكه مثل : 1- مفاعلات الماء المضغوط أو الفوق مسخن . 2- مفاعلات ا لماء الذي يغلي . 3- مفاعلات سريعة التوالد . 4- مفاعلات الصوديوم المصهور كمبرد والجرافيت كمعدل . 5- مفاعلات المواد الكيماوية العضوية كمبرد ومعدل . وفي أوائل السبعينات من هذا القرن برزت أزمة الطاقة في العالم لأول مرة فاتجه العالم الصناعي لإيجاد بدائل الطاقة المناسبة التي تزوده بالبطاقة المضمونة والرخيصة وكان من أبرز هذه البدائل الطاقة النووية والخوف ما يزال باقياً في ذاكرة الزمن ويصعب نسيانه أو تجاهله. وإن استخدام الطاقة النووية سيكون حاسماً في مجال توليد الطاقة الكهربية مع نهاية هذا القرن وفي ظل هذا التزايد السريع في نسب استخدام الطاقة النووية 10% كل خمس سنوات وقلة تأثير مخلفاتها وكذلك السعي لإيجاد مصادر بديلة للطاقة غير النفطية التي يرافقها عادة تقلبات في الأسعار . وما تسببه أيضاً من مخلفات ونفايات ذات تأثير سلبي على البيئة وأن عدداً كبيراً من الشركات ا لبترولية دخلت في المجال النووي ومن المتوقع توقف معدلات زيادة استهلاك النفط والغاز الطبيعي ولقد نجحت مجموعة الشركات النفطية منذ سنوات للقطاع النووي ففي عام 1970م قامت 17 مؤسسة بترولية في الولايات المتحدة بحوالي 55% من عمليات التنقيب عن اليورانيوم وسيطرت على 48% من احتياطاته العالمية المعروفة وتزايد إنشاء المحطات النووية حتى أصبح مع بداية السبعينات أكثر من 500 مفاعل عام في جميع انحاء العالم وبات واضحاً اليوم أن استخدامات الطاقة النووية دخلت معظم المجالات العملية والزراعية والطبية والصناعية ففي مجال الصناعة أضحت كثير من معظم المواد وفحص تقاس بمقاييس خاصعة لأجهزة نووية مثل كميات الحديد في السيارت ومحركات الطائرة أما في المجال الكهربي وهو الأهم فتشير آخر الإحصاءات إلىأن ما نسبته 25% من كهرباء العالم مصدره الآن محطات نووية ويقدر البعض هذه ا لمحطات ما بين 420 إلى 510 م محطات في أكثر من توليد 40 توليد بالرغم من قلة وتدني مستوى الطاقة النووية ذات التأثير المباشر على التوازن البيئي إلا أن مخاطرها مازاتل كبيرة خاصة بعد حاصة تشرنوبل المروعة عام 1986م والتي دفعت أنصار البيئة للتصدي للمشروعات النووية وعرقلتها والحقيقة أن تأثير مخلفات المفاعلات النووية قد يكون أقل خطراً على البيئة لكن النفايات المشعة تعد مشكلة كبيرة ولا تكمن المشكلة في حجم النفايات أو آثاره الحالية بل في اشعاع تلك الفضلات وآثارها المستقبلية وكانت جماعة أنصار البيئة تنبهت لهذه المسألة ذات العلاقة باستخدام المفاعلات النووية في مجال توفير الطاقة واشتدت ضغوط هذه الجماعات للتخلص من هذه البرامج . إلا أن العديد من ا لدول الصناعية أخذت على عاتقها تطوير تلك الصناعة بشكل سريع لتأمين الطاقة من الإنفلات ولتطمين تلك الجماعات على دقة وأمن المفاعلات النووية وفي بريطانيا تقرر أن تقوم الحكومة وشركاتها بإنتاج الكهرباء النووية . ويشترك الفرنسيون والايطاليون في مشروع ضخم للقرن القادم يهدف إلى تطوير مفاعل "لانسال السريع " الذي يسمح بتوفير طاقة نووية تعادل 50 مرة طاقة مفاعلات الماء التقلدية وتقدر تكلفة هذا المشروع بـ 4.8 مليار دولار . ومن المؤكد أن صراعاً حارً سينشب بين جماعات ومنظمات حماية البيئة ورجال الصناعة حول بناء المفاعلات النووية الجديدة في دول العالم المختلفة . وقد أصبحت الطاقة النووية إحدى الركائز الأساسية التي تعتمد عليها العديد من الدول المتقدمة والنامية في المجالات المختلفة ويدعم صحة هذه المقولة ما يحدث من تناقص سريع في مصادر الطاقة التقليدية حيث تشير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن المخزون العالمي من البترول يكاد يكفي لاستهلاك حوالي 30 عاماً ومن الغاز الطبيعي حوال ي45 عاماً ومن الفحم حوالي 200 عام وذلك حسب المعدلات الحالية للإستهلاك دون النظر إلى معدلات الزيادة والنمو البشري ومما يرفع من أسهم الطاقة النووية ما تراكم حتى الآن من آثار سلبية للإستخدام المتزايد للوقود الأحفوري الفحم والبترول والغاز وفي مؤتمر الكهرباء والبيئة الذي عقد في مايو سنة 1991م بالعاصمة الفنلندية "هلسنكي" اتضح أن استخدام الطاقة النووية فنتاج الكهرباء يخضع لعدة إعتبارت هي : 1- الاعتبار الاقتصادي ويعني مدى تحمل اقتصاد الدولة المعنية لأعباء مثل هذا النوع من الإنشاءات الباهظة التكاليف وكذلك مدى جدواها . 2- حجم الاستثمار المطلوب ويعني القدرة المطلوبة من المحطة النووية المزمع إنشاؤها 3- مخاطرة الفقد وتعني مدة القدرة على تحمل الخسارة الفادحة إذا حدث وتعرضت المنشأة النووية للدمار لسبب ما . 4- معدل التنمية حيث يكون قليلاً في الدول النامية وبالتالي لا تحتاج إلى محطات ذات قدرة فائقة وقد لفت هذا الوضع انتباه الدول النامية أن ما يستجد في الدول المتقدمة لا يتناسب معها . 5- الأمان النووي وهو عنصر حاسم في اتخاذ قرار بناء مفاعل نووي حيث لابد من اتخاذ جميع الإجراءات والسبل لحماية البيئة والإنسان من الاخطار النووية . وقد أثرت هذه الاعتبارات في تصميم المفاعل الجديدة ويتخلص ذلك في النقاط التالية:- 1- تقليل الكفة حتى تصبح المحطة النووية متاحة للعديد من الدول . 2- تقليل زمن الإنشاء والتركيب . 3- عمل أنواع قياسية من ا لمحطات النووية حتى تكون جاهزة للتسليم حين طلبها . 4- عمل أنواع صغيرة تتلاءم مع الدول النامية . 5- جعل المحطة أقل تعقيداً وأقل اعتمداً على أجهزة الحاسوب . ويمكن تصنيف المواد النووية اللازمة للصناعة النووية إلى ثلاثة أقاسم : 1- مواد الوقود النووي : وتشمل خامات اليورانيوم والثوريوم بالإضافة إلى البلوتونيوم المتولد من المفاعلات ا لنووية . 2- مواد افنشاءات النووية : وتتمثل في خامات الزركونيوم والنيوبيوم والفاناديوم والبريليوم . 3- المواد المستخدمة كمبردات ومهدئات وقضبان تحكم في المفاعلات ا لنووية وتشمل خامات الهافنيوم والبورون والبريليوم والتنتالوم والجادولينيومو الكادميوم .. الخ وقد بدأت هيئة المواد النووي في مصر عمليات التنقيب عن الخامات ا لذرية في نوفمبر سنو 1956 م إمتدت حتى وقتنا هذا. ويمكن تقسيم مصادر اليورانيوم الذي يمثل الوقود النووي الرئيسي إلى : أ - مصادر تقليدية وهي الخامات التي يتم تعدينها وتصنيعها لإستخلاص عنصر اليورانيوم. ب- مصادر غير تقليدية وهي الخامات التي يتم تعدينها وتصنيعها لأغراض أخرى ويمكن انتاج اليورانيوم منها كناتج ثانوي مثل الرمال السوداء ورواسب افوسفات . ولابد أن يمر تعدين وتصنيع أحد وراسب اليورانيوم لابد أن يمر خلال ستة مراحل رئيسية :
1- مرحلة التخطيط وتشمل دراسة الأقمار الصناعية ودراسة المعلومات 2- مرحلة الكشف والتنقيب وتشمل معالجة معطيات الكشف الجوي الاقليمي والقايم بعمليات المسح الجوي الاقليمي . 3- مرحلة متابعة دراسة الشاذات الإشعاعية وتتضمن القيام بعمليات المسح الجوي التفصيلي والمسح الجيولوجي والإشعاعي . 4- مرحلة التقييم الأولى للإكتشاف وهي المرحلة التي تشتمل على عمليات المسح الجيولوجي والإشعاعي الطيفي والمسح الجيوكيمائي . 5- مرحلة تنمية الاكتشاف وهي المرحلة التي تشتمل على عمليات الجيولوجيا التفصيليةوالبترولوجية والهيدرولوجية . 6- مرحلة الانتاج وفيها يتم الحفر المكثف وتجميع العينات بشكل منظم وتحليلها بالإضافة إلى دراسة الاستخلاص الكيمائي ودراسة هندسة ا لمعادن والتقييم الاقتصادي . وقد كشف النقاب علن وجود 4 مواقع لإنتاج اليورانيوم بمصر لتغطي احتياجات برنامجها النووي للأغراض السلمية .
وللمفاعلات النووية استخدامات وتطبيقات كثيرة أهمها :
توليد الطاقة :
يتزايد إستهلاك العالم للطاقة الكهربائية بمعدل 6.7% سنوياً مما يعني أن الاستهلاك العالمي للكهرباء يتضاعف مرة كل 10 سنوات والمفاعلات النووية من أهم البدائل لتوليد الطاقة الكهربائية بعد محطات الكهرباء الحرارية العاملة بالوقود التقليدي كالبترول والفحم .
الفصل الثاني
قصة الإنسان مع الذرة
أطلق الإنسان على هذا العصر إسم العصر النووي أو العصر الذري ، أما إذا أردنا أن نصبح أقرب ما نكون إلى الحق فدعنا نطلق على هذا العصر إسم عصر القلق لأنه كذلك وهذا يتفق مع واقع الحياة التي نعيشها ونُمارسها . فنحن نحس بها في كل ما نأكل ونلبس ونركب والصناعة ، وهكذا قدرة للذرة ونظائرها المشعة المستقرة وغير المستقرة أن تساهم في تقليل عناء الإنسان وشقائه في هذا الوجود وإن من المفارقة العجيبة أن العناصر المشعة ونظائرها بشكل عام إذا ما أسيء استخدامها كان وبالاً على البشرية وما أبدعت فلا تدع رثاً إلا أنت عليه وأتلفته ولا نسلاً إلا شوهته وأهلكته وأفنته كما حدث في هيروشيما ونجازاكي وبعدها استيقظت بعض الضمائر وتنبه العالم إلى ما في الذرية وفي نظائرها المشعة خطوة كامنة في وقت الحرب أو نتيجة سوء الإستخدام في زمن السلم . وتعتبر ظاهرة النشاط الإشعاعي من أعظم الإكتشافات الحديثة التي تم تطويرها في فترة قصيرة لا تزيد على السبعين عاماً وجعلت في يد الإنسان ، والإنسان عدو نفسه أعظم قوة تنبعث وتصدر من شيء متناه في الصغر ألا وهو نواة الذرة . وقد استفاد العلماء أنفسهم في معظم الاتجاهات العلمية من استخدام النظائر المشعة في تفهم أسرار الطبيعة من زواياها المتعددة ومحاورها المختلفة على المدى الطويل وحتى كفاية هذا القرن ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً بمساندة النظائر النووية المشعة الطبيعية والصناعية على السواء وأخص بالنظائر المشعة الطبيعية تلك النظائر الموجودة في الطبيعة ذاتها مثل الكربون المشع وليست من نواتج المفاعلات النووية لانشطارة ، وفي نفس الوقت ، لقد جلبت الذرية على الناس جميعاً مشاعر القلق النفسي وأثارت في بعضهم غريزة الأنانية خاصة عند أمم وهب اله لها من العلماء والمفكرين من هم قادرون على تطويع الذرة وترويضها وتوجيهها إلى سبيل الخير والشر على السواء وكانت نتيجة ذلك أن من الناس من امتزج قلقهم بقدر غير قليل من الأنانية وسبب الأنانية هو ما صاحبها من قوة العلم ونتائجه في عصر الآلأة والطاقة وما لهما من قدرات على الفناء يفوق حد التصور البشري . ويكفي هنا أن نشر إلى التقدم الكبير الذي صاحب تطور الآلة إلى أن صارت آلة انتاج النظائر والطاقة معاً وأخص بذلك المفاعل النووي الإنشطاري . إذا تعددت أِكاله واختلفت احجامه واتسعت استخداماته وهذا ما أدي إلى تطور الآلة الذرية وانتشار استخدام الذرة ونظارها بشكل عام على ول الأرض وعرضها . وأكبر ما يخيف الإنسان ويقلقه من الآله الذرية هو ما يتخلف عنها من نفايات نووية مشعة تتزايد كمياتها بتزايد عدد المفاعلات كما تتراكم كمياتها أيضاً على مر السنين . ولقد عرفنا مذا يمكن أن تفعل هذه النظائر المشعة بالأرض ومن عليها فإّا علمنا أنه قرب نهاية القرن الحالي سوف نتصل كمية نفايات المفاعلات إلى حوالي (16) ألف طن . فماذا يا ترى سيكون عليه تصرف الإنسان ؟ بل أن شئت فقل كيف يدرأ الإنسان عن نفسه خطر هذه المخالفات الخبيثة وعلى وجه العموم إن هذه النفايات النووية المشعة الخبيثة سوف تمثل أسباباً للمهالك لا ندري كيف آلت إلينا ولكن نعلم كيف ذهبنا إليهما تخحتضنها لصلاح البشرية بل لفناء البشرية ونحن اليوم لا نعرف مذا سيكون موقف العلماء من هذه المخالفات النووية . تتطلب قتلبية احتياجات وتطلعات الأعداد المتزايدة من سكان العالم تطبق أفضل التقنيات المتاحة ، بما في ذلك التكنولوجيا النووية . والتقنيات النووية هي في الغالب مجرد مكون واحد من برامج تطوير وطنية وإقليمية أكبر وهي تساعد في جميع بيانات علمية ضرورةي لتخطيط المشروعات أو لاختبار النتائج التي يتم الحصول عليها من تقنيات أخرى ولهذا السبب فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تضع أولوية كبرى لعمليات الشراكة مع منظمات أخرى . ومن أجل دعم المصالح المشتركة بين الدولة وإتاحة المجال أمام استخدام أفضل للموارد ، فإنها ترعى أيضاً أتفاقيات تعاونية إقليمية للتعاون التقني بين الدول النامية . ويجرى تمويل برنامج التعاون التقني للوكالة من جانب الدول الأعضاء وعبر إسهامات تطوعية لصندوق التعاون التقني . إن حجم البرنامج متواضع لكن النتائج في مجالات كالصحة والأمن الغذائي والحد من التلوث وإدارة مصادر المياه وإنتاج الطاقة الأمن والدائم كانت بارزة . فعلى سبيل المثال تساعد الوكالة الأردن ولبنان وسوريا في دراسات حول استخدام الأسمدة من خلال الري بالتنقيط وقد تم تسجيل زيادة في إنتاج المحاصيل واستخدام أكثر فعالية للماء في التجارب على محصول القطن . وقد أصبح استخدام أسلوب تعقيم الحشرات للإبادة الواسعة النطاق للحشرات الزراعية إجراء راسخاً وصديقاً للبيئة للحد من الحشرات المؤذية وإبادتها . وتقوم الوكالة حالياً بدعم أثيوبيا في مشروع يهدف إلى التخلص من ذبابة التسي تسي ، والأردن في مشروع إقليمي لتطبيق هذه التقنية على ذبابة البحر الأبيض المتوسط التي تصيب الفاكهة . وتعتبر ندرة المياة مشكلة قد يؤثر على ثلثي سكان العالم بحلول العام ، وفي مشروع نموذجي يضم تسع دول من شمالي أفريقيا تثبت تقنيات استخدام النظائر المشعة بأنها فعالة بشكل خاص في تقويم وإداية مصادر المياه الجوفية وفي فحس تسرب المياه في السدود والخزانات ، ويتم تقديم المساعدة أيضاً لخمس دول عربية في تطوير قدرات وطنية لتخطيط وتنفيذ مشروعات تجريبية لعليمات تحلية مياه البحر ربما باستخدام مفاعلات نووية صغرة ومتوسطة الحجم وهناك مفاوضات جارية بين الصين والمغرب لتركيب محطة تحلية نووية بقوة ميجاواط . لقد بدأت التقنيات النووية تحتل مكانها باعتبارها تقنيات ممة بشكل متزايد في مجال الصحة والطب فعلى سبيل المثال يعتبر النقص في كفاءة الغدة الدرقية الذي يمكن أن تؤدي إلى إعاقة النمو الطبيعي للطفل وظهور العاهات الجسدية مرضاً يمكن شفاءه إذا اكتشف فوراً بعد الولادة لذلك ، تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمساعدة السلطات الصحية في العديد من الدول في إدخال برامج للمسح التصويري للمواليد الجدد . وبالنسبة لمجال الطاقة فإنه في العالم وفر نحو 437 مفاعلاً نووياً تعمل في 31 دولة قرابة 17% من الامدادات العالمية للكهرباء وكانت مسؤولة عن عن تجنب نحو 8% من انبعاثات الكربون في العالم . ووصلت خبرة التشغيل المتراكمة في هذه المفاعلات إلى ما يزيد على ثماني آلاف وخمسمائة سنة . وتوحي الزيادة المتسارعة في الطلب على الطاقة إلى جانب القلق المتناهي حيال تأثير انبعاثات ثاني اكسيد الكربون على تغير المناخ العلمي بأن الطاقة النووية ستواصل لعب دور أساسي في استراتيجيات الطاقة ويجب أن يظل ماثلاً في الأذهان أن الطاقة المنتجه من أنواع الوقود الحفرية تستحوذ على نحو نصف الانبعاثات من ثاني أكسيد الكربون التي يسببها الإنسان . وفي حين أن هناك أملاً عريضة في ما يتعلق بمصادر طاقة نظيفة بديلة إلا أنه في الوقت الحاضر لا تتوفر سوى الطاقة المائية ذات إمكانات النمو المحدودة في معظم الدول والطاقة النووية باعتبارهما قابلين للتحقيق من الناحية الاقتصادية والمسببين الأقل لانبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون عند توليد الطاقة على نطاق واسع ، إلا أنه مع اقترابنا من الألفية الجديدة فإن دور الطاقة النوية يواجه تحديات عظيمة ومستقبلنا يقف على مفترق طرق . فقبل ثلاثة عقود اعتبرت الطاقة النووية طاقة المستقبل أما اليوم فإن نموها متوقف وحصتها في توليد الكهرباء في انخفاض مستمر في أميريكا الشمالية وأوروبا الغربية مع أنها تشهد توسيعاً في اجزاء من آسيا وأوروبا الشرقية والحقيقة هي أن استخدام الطاقة النووية في الكثير من الدول إما غير إقتصادي أو يواجه تحديات كبيرة من جانب العامة بشكل خاص بسبب المخاوف بشأن السلامة والمخلفات المشعة . لكن برأيي أن سجلاً ثابتاً من السلامة على امتداد جميع مراحل دورة الوقود النووي ، بما في ذلك التخلص من المخلفات المشعة سيكون عاملاً حاسماً في إسهام الطاقة النووية في الخيارات المستقبلية للطاقة العالمية. وتلعب الوكالة الدولية للطاقة الذرية دوراً مهما ً في ما يتعلق بتطبيق اجراءات وقائية على جميع النشاطات النووية في الشرق الأوسط وتأسيس منطقة خالية من السلاح النووي في المنطقة وتجرى المشاورات مع دول المنطقة منذ العام 1992م وعلى المستوى المفاهيمي برز عدد من النقاط أهمها أنه سكون من الأفضل أن يتم تطبيق الاجراءات الوقائية للوكالة على جميع النشاطات النووية في الشرق الأوسط . كذلك فإن تأسيس منطقة خالية من السلاح النووي مع وجود ترتيبات مناسبة للتحقق من ذلك سيشكل خطوة مهمة على صعيد تعزيز الأمن وبناء الثقة وسيحتاج نظام التحقق الخاص بوجود منطقة خالية من السلاح النووي على الأرجح لأن سكون شاملاً وجريئاً لكي يكون بمقدوره التعامل مع ميراث من الصراع وعدم الثقة المائل في المنطقة وقد يستفيد من وجود نطام تحقق متبادل من جانب الأطراف المختلفة إضافة إلى التحقق العالمي من خلوها من الأسلحة النووية من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية . ولكن الآراء تختلف حول القضايا الأساسية المتعلقة بالتوقيت المناسب للقيام بذلك وهذه المسالة لا يستطيع الإتفاق عليها سوى الأطراف المعنية نفسها من خلال عملية التفاوض ومن خلال المشارات مع الدول في المنطقة ومن خلال أحداث مثل الورشات الفنية تسعى الوكالة للإسهام في هذه العملية عبر إطلاع المسؤولين الحكوميين على مفاهيم الاجراءات الوقائية وأدواتها وكذلك على وسائل التحقق الممكنة التي يمكن تطبيقها في منطقة مستقبلية خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط والأمر يرجع إلى دول المنطقة كي تتفق على حجم والتزامات المنطقة المستقبلية الخالية من السلاح النووي ولكن ما لم يتم التوصل إلى إتفاق فإن الوكالة تقف مستعدة لتقديم يد المساعدة في تطوير خطة يمكنها أن توفر ضماناً ذا مصداقية بأن التعهدات المتفق عليها يجري الإلتزام بها وهذا إسهام مهم يمكن تقديمه لهدف إرساء قواعد السلام والأمن .
الفصل الرابع
استخدامات الطاقة النووية ومستقبلها
في أوائل السبعينات من هذا القرن برزت أزمة الطاقة في العالم لأول مرة فاتجه العالم الصناعي لإيجاد بدائل مناسبة تزوده بالطاقة المضمونة والرخيصة وكان من أبرز هذه البدائل الطاقة النووية التي شكلت محاولة جادة من العالم الصناعي لتجنب تقلبات أسعار النفط وبالرغم من نجاح استخدام الطاقة النووية في مجالات متعددة إلا أن الخوف من مخاطرها ما يزال باقياً في ذاكرة الزمن ويصعب نسيانه أو تجاهله .
استخدامات الطاقة النووية :-
بان واضحاً اليوم أن استخدام الطاقة النووية دخلت في معظم المجالات العلمية والزراعية والطبية والصناعية ومن المؤكد اتساع استخدامها مع بدايات القرن القادم بالاضافة إلى توفير النصيب الأكبر من الطاقة الكهربائية للعالم ففي المجال الصناعي أضحت كثافة الكثير من المواد وفحص المنتوجات تقاس بمقاييس خاضعة لأجهزة نووية مثل كميات الحديد في السيارات ومحركات الطائرات النفاثة وهياكلها وساهمة الذرة في تحقيق اكتشافات مهمة ذات علاقة بالآثار والتاريخ إذ ساعدت في معرفة أعمار كثيرة من الآثار والتاريخ عن طريق استخدام الاشعاعات اللازمة لفحص عينات العظام والنباتات القديمة وفي مجال الطب دخلت الذرة كأن أساليب العلاج القديمة والحديثة لكثير من الحالات المرضية المستعصية مثل السرطان وأمراض الدماغ . كما أنها لها استخدامات أخرى في مجال الكشف عن الجريمة وذلك بفحص بقايا طلقات المسدسات عن طريق الذرة . الأمر الذي يساعد على معرفة المجرمين . أما المجال الكهربائي وهو الأهم فتشير إحدى الاحصاءات إلى أن نسبته 25% من كهرباء العالم مصدره الآن محطات نووية ويقدر البعض عدد هذه المحطات ما بين 420 إلى 510 محطة في اكثر من 40 بلداً من بلدان العالم . ففي الولايات المتحدة وحدها يوجد نحو 110محطة تنتج ما يصل إلى 22% من الكهرباء التي تحتاجها . لقد أصبح من المؤكد طبقاً للمقدمات الحالية في إطار استخدامات الذرة . إن هذه الاستخدامات ستتوسع بشكل يسيطر على معظم المجالات خلال العقود الأولى من القرن القادم خاصة في مجالي الفضاء والطاقة .
الفصل الخامس
المبحث الأول
في المجالات الطبية :-
ما زال كثير من الناس يعتقدون أن الهدف الأساسي من استخدام النظائر المشعة في المجالات الطبية يقتصر على علاج المرض الخبيث ( الأورام السرطانية ) . ولكن الواقع شيء آخر ويتضح ذلك من الاحصائية الآتية :- حوالي 5 % من مجموع النظائر المشعة على الاكثر تستخدم في علاج الأورام السرطانية وقانا الله وإباكم شر هذه الأمراض . كذلك حوالي 15 % من المجموع يستخدم في علاج بعض الأمراض الأخرى أو الوقاية من هذه الأمراض . أما بالنسبة للبقية الباقية من مجموع النظائر المشعة ومقدارها 80 % فهي تستخدم لأغراض التشخيص الطبي وعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن دراسة وتشخيص الحالة التي تكون عليها حالة الغدة الدرقية من نشاط وخمول وذلك باستخدام اليود المشع إذ أن معدل امتصاص الغدة الدرقية لعنصر اليود المشع يتوقف على قدرتها في أداء وظيفتها لجسم الإنسان على أكمل وجه فضلاً عن أن عدد كبير جداً من النظائر المشعة تستخدم في كثير من أغراض التشخيص الطبي الأخرى مثل الكالسيوم المشع . كما تمكن العلماء في المجال الطبي من تصنيع قلب يعمل بنظير البلوتونيوم ولكن هل لهذا القلب القدرة على تبادل العواطف إن هو زرع في جسم الإنسان ؟ الجواب يقينياً 000لا 00وسيقتصر عمل هذا النوع من القلوب الخالية من الحنان والحب والعطف على فتح الدم إلى جميع أجزاء الجسم . بالاضافة إلى أن نبضاته سوف تعدعلى الإنسان أيامه كما قال الشاعر : دقات قلب المرء قائلة له أن الحياة دقائق وثوان .
المبحث الثاني
في مجالات التغذية
يقصد بالتغذية سواءاً كانت بروتينية ( ناتجة عن الحيوان ) أو كربوهيدراتية ( ناتجة عن النبات ) . هذا ويعتبر العلماء العاملون في مجالات التغذية أن الذرة وأعني بذلك النظائر المشعة قد أمدت العالم بطريقةبالغة الأهمية إذ تحقق زيادة الانتاج الحيواني والانتاج النباتي على حد سواء وعليه بدأ إعلان الحرب النوويةعلى الجوع وهذه حرب مطلوبة لأنها تساعد على رفاهية الإنسان كما ساهمت الذرة في تحسين سلالات المحصولات الزراعية والحيوانية وساعدت أيضاً في عملية تعقيم اللحوم والخضروات وحفظهما من التلوث والتلف . ويعتبر حفظ الاغذية بطريقة تعريض المواد الغذائية لجرعة مناسبة من الاشعاعات النووية أحدث طريقة ابتكرها الإنسان وهي تختلف عن وسائل التعقيم الأخرى مثل التجفيف والتجميد والبسترة التقليدية والتعليب والتبريد 0000 إلخ . وينقسم طرق حفظ الغذاء بالإشعاعات النووية إلى طريقتين هما :-
الطريقة الأولى :-
البسترة الاشعاعية : -
وتتم بتعرض المواد الغذائية ( نباتية كانت أم حيوانية ) لجرعات صغيرة من الإشعاعات النووية الصادرة من نظير مشع .
الطريقة الثانية : -
التعقيم الإشعاعي : -
وهو يشبه عملية البسترة الإشعاعية إلا أن قيمة الجرعات التي تتعرض لها المواد الغذائية أكبر بكثير من تلك الجرعات المستخدمة في عملية البسترة الإشعاعية . وتقاس جرعة الاشعاعات النووية بوحدات تعرف الوحدة منها باسم "راد" وتستخدم في الطريقتين السابقتين جسيمات بيتا وأشعة جاما ( نوعان من أنواع نواتج النظائر المشعة) . الصادرتان من نويات النظائر المشعة . فضلاً عن استخدامها للقضاء على الحشرات ومنع تنبيت المحاصيل النباتية فترة تخزينها . وعلى وجه العموم يفضل استخدام أشعة جاما نظراً لقدرتها الكبيرة على اختراق المواد التي تتعرض لها كما أمكن استخدام الاشعة السينية والحزم الإلكترونية التي تقدر طاقتها بحوالي 5 مليون الكترون فولت ويمكن استخدام جسيمات ألفا في حالات استثنائية .وفي الحقيقة ان حفظ الغذاء ( نباتي أو حيواني ) بهاتين الطريقتين الاشعاعيتين يجنبنا استخدام المبيدات الكيميائية فضلاً عن أنهما وسيلة فعالة للقضاء على السالمونيلا وما يسببه من أمراض . كذلك أمكن حفظ كميات هائلة من الأغذية التي كانت تفقد نتيجة تعرضها للأوبئة والميكروبات المختلفة التي تفسدها . إذ أن حوالي 35% من المحصول الغذائي العالمي كان يفقد ولا يستفاد منه مطلقاً وذلك قبل استغلال الذرة في حفظ هذه الكميات الهائلة وليس هذا فحسب بل أمكن زيادة المحصول الغذائي وبطبيعة الحال فإن هناك بعض الأغذية قد لا تصلح فيها استخدام طريقة المعالجة الحديثة ( التشعيع) وهذا يوحي بضرورة الابقاء على الطرق التقليدية للحالات التي لا يمكن استخدام الاشعاعات النووية فيها كما أن بعض النظائر المشعة تأثيراً على نمو بعض النباتات ومن هذه النظائر الفوسفور الذي يتسبب في اعاقة نمو النبات . هذا مثل لإستغلال نواتج الإشعاعات النووية في سبيل التعايش السلمي إذ أن تفاصيل استخدامات الاشعاعات النووية في مجالات التغذية واسع طويل جداً . ومجمل القول هو أن البحوث المتعلقة بمعالجة المواد الغذائية نباتية كانت أم حيوانية بطريقة التشعيع النووي قد أثبت جدواها ونجاحها المطلق بالإضافة إلى امكانيات القضاء على الطفيليات وجراثيم التسمم الغذائي والميكروبات المرضية الأخرى مع المحافظة على القيمة الغذائية الموجودة في الغذاء النباتي أو الغذاء الحيواني على السواء .
المبحث الثالث
في المجالات الصناعية : -
تشكل الطاقة النووية الانشطارية ونواتجها من اشعاعات وجسيمات نووية عاملين أساسيين في الصناعة والعاملان هما :
العامل الأول : ويساعد في كثرة الانتاج الصناعي إذا أن هذا الأخير أحوج ما يكون إلى كل من الطاقة الحرارية التي بدورها تنتج الطاقة الكهربائية .
العامل الثاني : ويساعد على تطوير الانتاج الصناعي بالتغلب على مشاكل التطوير وعيوب التصنيع على حد سواء وغير ذلك من مشاكل أخرى أمكن التغلب عليها كما سنرى فيما بعد بإذن الله . يعتبر العامل الأول مثل من أمثلة الاستخدام غير المباشر للطاقة النووية الانشطارية في مجال الصناعة . ولنترك هذا وشأنه ودعنا نتجه إلى مناقشة الاستخدام المباشر للذرة في المجالات الصناعية المختلفة الكثيرة وكما استخدمت النظائر المشعة في مجالي الطب والتغذية والمساعدة في سرعة النمو النباتي والحيواني وحفظ الاغذية نباتية كانت أم حيوانية فهي تستخدم في الصناعة بشكل غير محدود واعم . في الحقيقة أن الهدف الذي يحققه استخدام الذرة في مجال من المجالات التي ذكرنا أم لم نذكر عدا توليد الطاقة الحرارية تكاد جميعاً تتشابه وتسير لغاية واحدة إلا أن السلوب يختلف باختلاف مجال التطبيق وقد ذركنا أن الذرة تستخدم في التشخيص الطبي كما استخدمت في حفظ الاغذية وهي اين الذرة تستخدم في الصناعة وسوف نبين ذلك :- مجالات استخدام النظائر المشعة في المجالات الصناعية متعددة ويصعب حصرها بيسر وسهولة في هذا البحث على الأقل ولكنا سنورد بعض من الأمثلة المحصورة والمحصورة جداً فقط . مع ايجاز في القول لا يضيع المعنى لنتبين المدى والذي بلغته الذرة في هذا المجال الحيوي ألا وهو المجال الصناعي وإليكم الأمثلة مع الأمل بأنها تفي بالغرض المنشود من وراء ذكرها وهاكم الأمثلة :
1- الجودة الصناعية : - تستخدم النظائر المشعة في الأعمال التجارية للتأكد من جودة ما يتداوله الناس من سلع في حياتهم اليومية وما يستخدمون من أدوات فضلاً عن استخدامها في صناعة السبائك لمعرفة جودتها .
2- العيوب الصناعية : - كما استخدمت الذرة في معرفة أي مصنوع كان فهي تستخدم أيضاً في التعرف على العيوب الصناعية وقد يذهب إستغلال الذرة واستخدامها إلى أبعد من ذلك فمثلاً تستخدم الذرة للدلالة على التسرب الذي قد يحدث في الانابيب الموضوعة في باطن الارض أو في داخل جدران المباني للقيام بأعمال مختلفة ففي المملكة العربية السعودية يمتد خط أنابيب طويل جداً لنقل خام البترول ومشتقاته من أبقيق في المملكة إلى صيدا في لبنان وتجرى المحافظة عليه باستخدام النظائر المشعة التي تخرج مع خام البترول بقصد إرشاد المسئولين عن موضع ومكان التسرب وتحديده بالضبط .
3- القياسات الدقيقة : وفي مجالات القياسات الدقيقة تعتبر الذرة وسيلة دقيقة غاية في الدقة إذ يمكن مزج النظير مع خام البترول أو أحد نواتجه أن نعلم على الفور وبدقة لحظة وصول آخر قطرة من نوع آخر معين من المواد البترولية والكمية المصدرة فضلاً عن إمكان تعيين مستوى السوائل داخل مستودعاتها ( الصناعية أو الطبيعية ) . وتعتبر النظائر المشعة وسيلة دقيقة للغاية لقياس سمك الصفائح المعدنية الرقيقة والأوراق والانسجة وليس هذا فحسب بل تساعد على التعرف الفوري على أية اختلافات في سمك أية منطقة من مناطق تلك النواتج المستعملة صناعياً .
4- مصادر الطاقة : - بجابن ما تقدم يمكن استخدام النظائر المشعة كمصدر للطاقة ( الضوئية ) مباشرة أو بطريق غير مباشر. فمثلاً يستخدم الاسترفشيوم في الساعات كمصدر ضوئي وهذا استخدام مباشر وقد يستخدم الاسترنشيوم في تصنيع البطاريات النووية لتحل محل البطاريات الكيميائية التقليدية علماً بأن الاسترنشيوم أحد مخلفات لمفاعلات النووية الانشطارية والبطاريات النووية تزن الواحدة منها على أكثر تحديد حوالي ثلاثة كيلو جرام ولها القدرة على انتاج الطاقة الكهربائية على مدى خمس سنوات متواصلة وتبلغ الطاقة الكهربائية الصادرة عنها قدراً يكافئ ما تعطيه لنا ثلاثة آلاف بطارية كيميائية تقليدية تستبدل الواجدة منها تلو الأخرى ليظل مصباحاً كهربائياً شدته الضوئية مكافئة لستين شمعة (وات) على طول الفترة الزمنية السباقة الذكر .
5- عامل مساعد : نظراً لما تمتاز به الاشعاعات النووية الجامية من قدرتها على اختراق المواد لمسافات كبيرة فقد إمتدت إستخدامتها في الصناعة الكيميائية لتحل محل الوسيط العامل المساعد في صناعة البلاستيك لتكوين الجزيئيات الطويلة جداً بطريقة البلمرة بالإضافة إلى تنشيطها للتفاعلات الكيميائية بوجه عام فيما تقدم من أمثلة عن استخدام للنظائر المشعة الذرة في المجالات الصناعية استفدنا بخاصة النشاط الاشعاعي التي طوعت لتكشف عن عيب في صناعة أو تستخدم كأجهزة قياس دقيقة . والحديث في هذا المضمار واسع وعريض وفي نفس الوقت ممتع وشيق وخلاصة القول إن استخدام النظائر المشعة وأجهزتها في المجالات لصناعية قد انتشر على نطاق واسع وهذا يتطلب إقامة صناعة أخرى جديدة لإنتاج النظائر المشعة وتصنيع الاجهزة الخاصة بتشغيل هذه النظائر والحماية منها والإشارة إلى أماكن تواجدها وهذا الأمر ساعد الصناعة النووية على النمو الهائل المطرد في فترة زمنية قصيرة جداً بالقياس إلى تطور الكشوف الأخرى السابقة لها .
المبحث الرابع [/col | |
|